بَدَأَت قَصَبَة “آيت بْن حدو” التَّارِيخِيَّة بِنَوَاحِي مَدِينَة ورزازات تستعيد أَلْقِهَا السِّياحِيّ بَعْدَ تَخْفِيفٍ الإجْرَاءات الاحترازية فِي الْأَشْهَرِ الْمَاضِيَة ، حَيْثُ شُرِعَتْ فِي اسْتِقْبَالِ العَدِيدِ مِنَ الْوُفُودِ السياحية الوَطَنِيَّة وَالْأَجْنَبِيَّة فِي الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ .
وَصَرَّح العَدِيدِ مِنَ المهنيين لجريدة هسبريس الإِلِكْتِرُونِيَّة بِأَنَّ هَذِهِ التُّحْفَة الطينية الْمَغْرِبِيَّة تُعْرَف رَوَاجًا سياحيا مَلْحُوظًا ؛ بِالنَّظَرِ إلَى عَوْدِهِ الْجَالِيَة الْمَغْرِبِيَّة الْمُقِيمَة بِالْخَارِج إلَى أَرْضِ الوَطَنِ ، وَحُلُولٌ السُّيَّاح الْأَجَانِب بِالْمَمْلَكَة .
ولاحظت الْجَرِيدَة ، عِنْدَ حُلُولِهَا بِهَذِه الْقَصَبَة العُمْرَانِيَّة الْفَرِيدَة مِنْ نَوْعِهَا ، عَوْدِه الرُّوح إِلَى السِّيَاحَة الْمَحَلِّيَّة بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ الرُّكُود التَّامّ ؛ وَهُوَ مَا سَاهَمَ فِي إِنْعاش المِهَنِ التَّقْليدِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْمِنْطَقَةِ .
وَمِمَّا سَاهَمَ فِي تَحْرِيكِ النَّشَاط السِّياحِيّ بِالْقَصَبَة اسْتِئْنَاف تَصْوِير بَعْض الإنتاجات السينمائية بِالْمِنْطَقَة ؛ الْأَمْرُ الَّذِي أَدَّى إلَى الْإِقْلَاعِ التدريجي لِلسّيَاحَة الْمَحَلِّيَّة بَعْد “سنوات عجاف” مِنْ الْجَائِحَةِ .
وَفِي هَذَا الصَّدَد ، قَالَ عَلِيٌّ ائْت مَالِك ، مُرْشِد سِياحِي ، أَن “الجائحة تَسَبَّبَتْ فِي رُكُود اِقْتِصَادِيٌّ غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِالْمِنْطَقَة ؛ لِأَنّ الِاقْتِصَاد الرَّئِيسِيّ لِمَدِينِه ورزازات ، لَا سِيَّمَا الْقَصَبَة ، هُو السياحة” .
وَأَضَاف ائْت مَالِك ، فِي حَدِيثِ لهسبريس ، أَن “الحركة السياحية بَدَأَت تنتعش بِشَكْل نِسْبِيّ فِي الْأَسَابِيعِ الْمَاضِيَة ؛ بِفِعْل تَصْوِير بَعْض الأفلام السينمائية ، وَعَوْدِه الزُّوَّار الْمَغَارِبَة وَالْأَجَانِب إلَى المنطقة” .
وَأَرْدَف الْمُتَحَدِّث بِأَن “المهنيين يراهنون عَلَى فَصْلِ الصَّيْفِ لإنعاش الْقُطَّاع السِّياحِيّ فِي ظِلِّ الخَسائِر الَّتِي تكبدتها الفعاليات الْمَحَلِّيَّة طِيلَة سنتين” ، دَاعِيًا السُّيَّاح إلَى زِيَارَةِ الْقَصْر التاريخي الْجَدِير بِالِاهْتِمَام .
وَيَعُود هَذَا الصرح التاريخي إلَى الْقَرْن الْحَادِيَ عَشَرَ ، اعْتِبَارًا لتخطيطه الْعِمْرَانِيّ والأثري الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِعَهْد الْمُرَابِطِين فِي الْمَغْرِبِ ، وَفْقًا لإفادات الْبَاحِثِين فِي التُّرَاث الجهوي بدرعة تافيلالت .
وَاسْتَقَرّ أمازيغ الْمَغْرِب بِتِلْك التُّحْفَة الطينية مُنْذ الْقَرْن الْحَادِيَ عَشَرَ إلَى غَايَةِ الْقَرْنِ السَّادِسِ عَشَرَ ، قَبْلَ أَنْ يَقْطُن بِهَا الْيَهُود القادمون مِنْ الْأَنْدَلُسِ ، وظلوا بِهَا إلَى غَايَةِ 1960 ، وَهُو تَارِيخ مُغادَرَة آخَر عَائِلَة يَهُودِيَّة ، حَسَبَ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ التَّارِيخِيَّة الْمُتَدَاوَلَة .
وبالتالي ، تَعَايُش الْيَهُود والأمازيغ بِقَصَبَة “آيت بْن حدو” طِيلَة 355 سُنَّةٌ ، حَيْثُ كَانَتْ لِكُلّ ثَقَافَةٌ أَنْسَانِيه مَقْبَرَة خَاصَّةً بِهَا لِدَفْن الْأَمْوَات ، مَا يَعْكِس التَّسَامُح الدِّينِيّ بَيْن الديانتين مُنْذ قُرُون عَدِيدَة ؛ ذَلِكَ أَنَّ الْقَصَبَة استوطنتها 74 عَائِلَة ، مِنْهَا 60 عَائِلَة يَهُودِيَّة و14 عَائِلَة أمازيغية .
وَلَمْ يُعِدْ يَقْطُن بِهَذَا الْقَصْر سِوَى ثَلَاث عائلات أمازيغية ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَسْر اُضْطُرَّتْ إلَى مغادرته بِسَبَب الفَيَضَانَات الْمُتَكَرِّرَةِ فِي فَتْرَةِ تَارِيخِيَّةٌ مَاضِيَةٌ ، قَبْلَ أَنْ تُشْرِفَ مُنَظَّمَة “اليونسكو” عَلَى تَشْيِيدِ قَنْطَرَة ضَخْمَةٌ سُنَّةٌ 2011 لتشجيع السُّكَّان عَلَى الْعَوْدَة إلَيْه .