هل تبحث عن مدينة تجمع بين عمق التاريخ، ودفء الشمس، وجمال الشواطئ، والتراث الغني، ونقطة التقاء بين قارتين؟ إن وضعت خريطة العالم أمامك فلن تجد ذلك إلا في مدينة واحدة ينطبق عليها كل هذا الإبهار. إنها طنجة، إحدى أجمل مدن البحر الأبيض المتوسط، التي يمتد تاريخ تأسيسها للقرن الرابع عشر قبل الميلاد.
عند الحديث عن المغرب لا بد أولا من العبور من هذه المدينة، ليس لأنها بوابة الدخول إلى أرض المملكة للقادمين من أوروبا فحسب، ولكن أيضا لأنها الأقدم على الإطلاق كون العديد من الكتابات تشير إلى أن تاريخ بنائها يعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد من طرف أشخاص أرادوا الاستقرار قرب المضيق، قبل أن يحتلها الفينيقيون في القرن العاشر، وبعدها بتسعة قرون ستصبح عاصمة لمقاطعة "موريتانيا الطنجية" التابعة لحكم القيصر في روما.
كاتدرائية طنجة (Ph: Abdelaziz El Aaraj) © Assahifa
وصول العرب إلى طنجة كان مع بداية القرن الثامن الميلادي، خلال فترة الفتوحات الإسلامية، وبعد صراع طويل مع الأمازيغ أصبحت طنجة جزءا من الدولة الأموية، وأصبح القائد العسكري الأمازيغي طارق بن زياد واليا عليها، ومن شواطئها سينطلق إلى أوروبا لفتح الأندلس، لكن طنجة ستظل في القرون التي تلت هذا التاريخ جزءا من الإمبراطوريات المغربية المتعاقبة، وبقيت دائما مطمعًا للدول الغربية بفعل موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها بوابة العالم على إفريقيا، والمدينة التي تطل على أهم معبر بحري تجاري بين أوروبا وإفريقيا.
السائح إلى هذه المدينة سيدرك بغير كثير من العناء أن روح طنجة ليس فقط في التعدد الثقافي الفريد الذي يستمد إرثه من الحضارات المتعاقبة عليها، ولكن أيضا من الأسطورة التي كانت ولا زالت رافدا من روافدها التاريخية. فاسمها في حد ذاته مرتبط ارتباطا وثيقا بالميثولوجيا الإغريقية، إذ تقول الحكاية إن مؤسسها هو "سوفاكس" حفيد "بوسيدون" إله البحار والمحيطات عند الإغريق، والذي منحها اسم والدته "طنجيس".
و"سوفاكس" هو أيضا ابن "أنتايوس" الأسطور المشتركة بين الإغريق والأمازيغ، وأحد عمالقة "الميثولوجيا"، إذ يقال إنه تصارع مع "هرقل" على اليابسة التي كانت تربط طنجة بأوروبا، وبضربة من قبضته هذا الأخير فُصلت الضفتان، وباسم "هرقل" أيضا ترتبط أشهر مغارات المدينة وأكثرها رمزية على الإطلاق، ويُقال إنه حفرها بنفسه ليستريح فيها عندما كان متوجها لتنفيذ مهمة استعادة التفاحات الذهبية من حارسات حدائق "هيسبيريديس" حتى يهديها زيوس، أب الآلهة في المعتقد اليوناني القديم، لزوجته هيرا.
المدافع التاريخية بمدينة طنجة (Ph: Abdelaziz El Aaraj) © Assahifa
هي إذن مدينة ذات تاريخ عريق، وأساطير تجعل من طنجة أرضا بروح نابضة، وهوية تاريخية غنية بالروافد الثقافية التي أغنت كل جوانب الحياة هذه المدينة ذات الطابع العالمي التي تعتبر بوابة إفريقيا، وملتقى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وتبعد عن أوروبا بـ 14 كيلومتراً فقط.
كيف تصل إلى مدينة طنجة عبر الرحلات الجوية؟
لن يجد السائح الذي يرغب في زيارة مدينة طنجة الكثير من العناء للوصول إليها، فهناك العديد الخيارات الموضوعة أمامه سواء كان الراغب في زيارتها مغربيا أو أجنبيا.
من خارج المغرب سيجد السائح أن هناك العديد من شركات الطيران المغربية والدولية التي توفر رحلات مباشر من أهم العواصم والمدن الأوروبية نحو مدينة طنجة، وبأسعار تنافسية.
ووفق معلومات المكتب الوطني للمطارات، يمكنكم السفر إلى طنجة عبر رحلات تابعة للخطوط الملكية المغربية من 6 دول هي إسبانيا عبر مطاري برشلونة ومالقا، وفرنسا عبر مطار باريس أورلي، وهولندا عبر مطار أمستردام، وبلجيكا عبر مطار بروكسيل، وأخيرا المملكة العربية السعودية عبر مطار جدة، كما توفر الخطوط الملكية المغربية رحلات داخلية بين طنجة و4 مدن مغربية هي الدار البيضاء والحسيمة والناظور وفاس.