"الاجتماع الفرنسي" يلاحق أخنوش إلى البرلمان.. سؤال من الاستقلال والحركة الشعبية ينتقد استعمال مسؤولين لغة غير دستورية
وصل صدى الفيديو الذي نشرته "الصحيفة"، بخصوص استعمال أعضاء الحكومة للغة الفرنسية في اجتماع للجنة الاستراتيجية لبرنامج "أوراش" والتي ترأسها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى البرلمان المغربي، حيث انتقد حزب الاستقلال، المنتمي إلى التحالف الحكومي، استخدام "لغة أجنبية" خلال الحديث في اللقاءات المرتبطة بأدائهم لمهامهم، وهو الأمر نفسه الذي انتقده الفريق الحركي.
ووضع نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، سؤالا كتابيا لدى رئيس الحكومة بتاريخ 1 مارس 2023، جاء فيه أن بعض المسؤولين المغاربة بمناسبة تناولهم الكلمة، خلال أداء مهام رسمية باسم الدولة، يعمدون إلى التحدث بلغة أجنبية، سواء داخل أو خارج الوطن، بالرغم من وجود تقنية الترجمة الفورية في هذه المناسبات والمحافل.
واعتبر مضيان أن هذا الأمر يمثل خرقا سافرا للمقتضيات الدستورية التي تقضي صراحة بوجود لغتين رسميتين للدولة فقط، هما اللغتين العربية والأمازيغية، مع الإشارة إلى أن عددا من المسؤولين الدوليين الذين يتناولون الكلمة داخل المغرب خلال لقاءات رسمية "يستعملون اللغة العربية في إشارة واضحة للمكانة السامية التي تحظى بها هذه اللغة".
وانتقد مضيان استعمال مسؤولون مغاربة لغةً غير لغتهم الدستورية، مبرزا أن هذا الأمر يُخلف استياء كبيرا لدى عموم المواطنين، باعتبار هذا السلوك "يُحجم من ثقافة الأمة ولغاتها الرسمية الغنية، بل ويتنافى مع مقتضيات الدوريات الحكومية المتتالية الداعية لاستعمال اللغتين الرسميتين في المعاملات الإدارية".
وسأل رئيس فريق حزب الاستقلال، الطرف في الأغلبية الحكومية، رئيس الحكومة عن التدابير التي سيتم اتخاذها لضمان احترام المسؤولين العموميين لاستعمال اللغتين الرسميتين للدولة فقط أثناء حديثهم في مهام رسمية باسم الدولة أو مؤسساتها، مع العلم أن هذا السؤال لا زال إلى غاية اليوم بدون جواب، وفق الوارد في الموقع الرسمي للبرلمان المغربي.
ومن جهة أخرى، قامت حزب الحركة الشعبية بخطوة مشابهة، وذلك عبر سؤال كتابي من البرلماني محمد وزين موجه لأخنوش، قائلا إنه على الرغم من أن دستور المملكة نص في فصله الخامس على أن اللغة العربية تظل اللغة الرسمية للبلاد، وأن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدوت استثناء، فإن الملاحظ أن الحكومة لازالت وفية للغة الفرنسية سواء على مستوى التواصل داخل اجتماعاتها كما تسرب عبر بعض القنوات الإعلامية والتواصلية، أو على مستوى القرارات الوزارية كما هو الشأن مثلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن بعض القطاعات الحكومية كوزارة الفلاحة.
وأضاف وزين أنه علاوة على خرق الدستور والقوانين ذات الصلة، فإن الاستمرار في استعمال اللغة الفرنسية، يشكل استفزازا لشعور المغاربة ولهويتهم الأصلية بوحدتها المتنوعة، علما أن اللغة الرسمية سواء العربية أو الأمازيغية ليست مجرد وسيلة للتواصل فقط، بل تعد مظهرا من مظاهر سيادة الدولة في بعدها الثقافي والتاريخي، وبالتالي فإن مواصلة الإدارة العمومية استعمال اللغة الأجنبية كبديل عن اللغتين الرسميتين يشكل مساسا غير مقبول بهذه السيادة في مختلف أبعادها.
وذكر البرلماني نفسه بأن رئاسة الحكومة مدعوة إلى تطبيق منشور وجهته هي نفسها منذ أربع سنوات وتحديدا بتاريخ 30 أكتوبر 2018، إلى الوزراء وكتاب الدولة والمندوبين السامين والمندوب العام، يلزمهم باستعمال اللغتين الرسميتين للدولة، في جميع المراسلات بين الإدارات والمواطنين، كما أن القضاء الإداري حسم في الأمر، من خلال الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 20 أكتوبر2017 تحت رقم 4550، مفاده أن القرارات الإدارية المحررة باللغة الفرنسية تعد غير مشروعة لأنها مخالفة للدستور.
وأورد السؤال أن القانون الإطار للتربية والتكوين الذي يعوزه التنزيل السليم من طرف الحكومة، يتماشى بدوره مع أحكام الدستور بخصوص اعتماد اللغتين الرسميتين للبلاد، مع تعزيز الانفتاح على اللغات الأكثر تداولا، ولاسيما اللغة الإنجليزية، متسائلا ما إذا كان استعمال اللغتين الرسميتين في الإدارة والوثائق الإدارية وفي مختلف مناحي الحياة العامة يشكل أحد المداخل لحماية هاتين اللغتين وصيانتهما، باعتبارهما من أوجه سيادتنا في بعدها التاريخي والثقافي.
وتساءل وزين عن استراتيجية الحكومة لاستعمال اللغة العربية واللغة الأمازيغية في مختلف اللقاءات والمجالس الوطنية وضمنها مجلس الحكومة، ومآل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية كمؤسسة دستورية تعنى بالسياسة اللغوية الوطنية، والجدوى من تخصيص الملايير لوزارة الانتقال الرقمي وتحديث الادارة لحجة ترسيم الامازيغية، إذا كانت الحكومة نفسها لا تقدم نموذجا على ذلك.
وخلال الاجتماع الخاص بتقييم برنامج "أوراش"، ظهر كل أعضاء الحكومة وهم يناقشون الأمر بالفرنسية، حيث بدأ رئيسها عزيز أخنوش النقاش بهذه اللغة الأجنبية، وتبعته في الحديث فاطمة الزهراء عمور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي كُلفت وزارتها بتنزيل هذا البرنامج المخصص للشباب حاملي الأفكار والمشاريع.
وظهر وزراء آخرون يتكلمون عن مختلف جوانب البرنامج بالفرنسية، ومن بينهم فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المُكلف بالميزانية، ورياض مزور وزير الصناعة والتجارة، ويونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والشغل والكفاءات، الأمر المخالف لمقتضيات الفصل الخامس من الدستور، الذي ينص على أن اللغتين الرسميتين هما العربية والأمازيغية.