الحُفرة الفرنسية التي أسقطت الجزائر والمغرب!
في علاقات ثلاثية الأبعاد “فرنسا والجزائر والمغرب، لطالما كان هناك طرف في الحضن وآخر مستاء ينتظر دوره”، فحضور المستعمر القديم في معادلة الصراع الجزائري المغربي، كان مقبولا من الطرفين وفق المسموح به، لكن بعدما ارتفعت حدة التأزم السياسي في المنطقة وتداعياته المتعبة، بات أي فعل سياسي من قبل فرنسا يُقابل برد ساخن وغاضب، بحيث كلما اقتربت فرنسا من أحد البلدين غضب آخر ولعب كل أوراقه معتقدا أنه سيكون ضحية هذا التقرب، وكلما ساءت العلاقات مع أحد البلدين فرِح الآخر معتقدا أن ذلك سيكون لصالحه.
بعيدا عن الجدل الراهن ورغم الخلافات المسكوت عنها حينا والعلنية حينا آخر، تبحث فرنسا المضي قدما في علاقاتها مع المغرب والجزائر، هذا ما سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التأكيد عليه خلال خطابه عن الاستراتيجية الدبلوماسية الفرنسية في إفريقيا. فإلى أي مدى يمكن لفرنسا أن تتقدم في العلاقات رغم الخلافات؟ وهل تستطيع باريس خلق التوازن في صلاتها مع البلدين؟.
وعن هذا العلاقات الملتبسة، قال محمد طلحة، المحلل السياسي، إن “العقل السياسي للفرنسي ما يزال رهينة الماضي الاستعماري، حيث يعتقد السياسي الفرنسي أن العلاقات الخارجية لكل الجزائر والمغرب تتأسس حول ما تريده فرنسا وتبحث عنه، وهذا لا يستقيم والقرار السيادي للدول”، مؤكدا أن إيمانويل ماكرون، “لم يدبر بشكل جيد علاقاته الخارجية سواء ما يرتبط بالصراع الجزائري المغربي أو التواجد الفرنسي في الغرب الافريقي، أو حضور باريس كقوة في معترك الأقطاب الدولية”.
وأضاف في حديثه ل”الأيام 24″ أن باريس عجزت عن إقامة علاقات متوازنة مع الجزائر والمغرب في توقيت واحد، ما يبدو أن التوازن المفقود يفوق إرادتها، بحيث تبني تحركاتها الإقليمية وفق أجندة اقتصادية ضاغطة، كما حدث في أوج الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على سوق الغاز والنفط، ما دفع ماكرون إلى الميل نحو الجزائر.
وأكد المتحدث أن “التاريخ لا يطمس، ففرنسا تحتفظ بسجل سيء في مسار العلاقات المغربية الجزائرية، خاصة وأنها أسست لسياسية “فرّق تسد” بين البلدين وفي دول المغرب العربي منذ العهد الاستعماري. ولا يوجد ما يمنعها اليوم من إحياء هذه السياسة، خصوصا مع هذا الكمّ الهائل من الخصومة في المنطقة”.
وتلعب فرنسا تاريخيا على حبال الصحراء المغربية، إذ تعي جيدا أنه الملف الذي يمكنه أن يداوي جراح الأزمة بين المغرب والجزائر، ويقرب بين عواصم المنطقة تحت تكتل سياسي واقتصادي واحد، وهو ما لا ترغب فيه فرنسا، فإنهاء معادلة الصراع المغربي الجزائري يعني ضياع آخر معاقل فرنسا فالقارة وضياع صفقات ضخمة من شراء الأسلحة والامتيازات الاقتصادية، يضيف المحلل السياسي.
#السياسة #دولية